"اصنع سعادتك بنفسك" هل هذه العبارة صحيحة، وهل فعلا نستطيع صنع سعادتنا بأنفسنا، او بطريقة أخرى هل السعادة قرار، يعني هل استطيع ان اقرر ان اكون سعيدا واحقق ذلك.
الجواب:نعم، ونعم جدا، نستطيع و بكل تأكيد ان نقرر ان نكون سعداء في حياتنا، وان نبني حياة سعيدة، ولكن كيف ذلك؟، كيف تستطيع ان تصنع سعادتك بنفسك؟
هذا ما ستتعلمه في هذا المقال:
#1-اصنع سعادتك بنفسك، كيف ذلك؟
اصنع سعادتك بنفسك |
ان سعادتنا مرهونة بشكل كبير بأنفسنا وبطريقة تعاملنا مع الامور، صحيح ان للاحداث الخارجية بعض التأثير، لكنه محدود للغاية، ويمكن التحكم فيه بسهولة، وهذا التحكم هو ما يجعل سعادتنا بين ايدينا، هو مايجعل السعادة قرار بالنسبة لمن يعرفون التحكم في هذه الامور الخارجية، وايضا الامور الداخلية.
والسؤال هو كيف اصل الى هذا التحكم؟
1- غير رؤيتك للامور:
لنفترض انه قد وصلتك رسالة سيئة في بداية اليوم، فهناك رؤى مختلفة قد تنجم عن هذه الرسالة، والذكي هو من يرى الامور بايجابية، ربما سيقول المتشائم"يبدو ان هذا اليوم سيكون يوما سيئا من بدايته، يا الهي!" وسيغضب طوال اليوم، ويفسد يومه وسيجعله يوما تعيسا، اما الشخص المتفائل والايجابي، فسيقول" يبدو انني تلقيت رسالة سيئة من بداية اليوم، لكن هذا ليس شيئا يستحق الاهتمام، اليوم في بدايته، ومازالت تنتظرني امورا رائعة اليوم".
وفي الغالب الشخص الاول سيقضي يومه تعيسا ويفكر في تلك الرسالة، اما الشخص الثاني فيستمر يومه بشكل عادي، وسيكون سعيدا.
كلما نظرت للامور بايجابية وبطريقة مختلفة تدعم سعادتك، كلما كنت متحكما اكثر بسعادتك، و كلما حققت مقولة " اصنع سعادتك بنفسك".
2- تحكم في ردود أفعالك:
ليس بمقدورك دائما ان تغير الاحداث الخارجية التي تحدث لك، ولكن بامكانك دائما تغيير ردود افعالك تجاه الامور.
عندما كنت صغيرا طاردني كلب في الشارع، وقطعت طريق سيارة من الخوف، وبشق الانفس تمكن السائق من تجنب الصطدام بي، وضغط المكابح بقوة، وقد كنت اظن انه سيخرج من السيارة غاضبا ويعاتبني، لكنه نادني وعندما وصلت اليه اخذ نفسا عميقا، وقال" الحمد لله انها خرجت على خير".
وتقريبا نفس الموقف حدث مع صديقي، لكن بحدة اقل، فصديقي لم يقطع الطريق على السائق، بل وقف بجانب الطريق فقط، لكن السائق خرج غاضبا يسب ويشتم.
ان نظرنا الى تصرف السائق الاول رغم ان الموقف كان اخطر، الا انه تحكم في ردة فعله، وظهر في نظري شخصا متقفا وواعيا، وقد احببته واعجبت به، واكاد اجزم انه اكمل يومه سعيدا وبشكل عادي.
بينما تصرف الشخص الثاني بحدة مباغ فيها، واظهر ردة فعل تدل على شخصيته العصبية، وايضا اظن انه اكمل يومه غاضبا يفكر في الامر.
ان الشخص الاول اكمل يومه بشكل عادي، وترك ايضا اثرا جيدا بالآخرين عكس الشخص الثاني تماما.
مثال آخر: اذا علقت في الزحام في الطريق قد تغضب وتفسد يومك، لكن ذا اخترت رد فعل آخر، وضحكت على وضعك، فهنا تكون قد تحكمت في رد فعلك، وبالتالي سعادتك طوال اليوم.
3-ركز على الامور الإيجابية:
اذا وضعت تركيزك في امور لا تستطيع التحكم فيها، كالماضي مثلا، فبالتأكيد ستعيش تعيسا على امور لا تستطيع فعل اي شيء لتغييرها، بدل ذلك ركز على الامور التي تستطيع التحكم فيها، ركز على مهامك اليوم، ركز على اهدافك وخططك، هذه الامور ستجعلك سعيدا.
ركز على الامور الإيجابية والامور التي تستطيع التحكم بها، ولا تركز في امور سلبية لا تستطيع فعل اي شيء لتغييرها.
4-تجاوز عن اخطاء الماضي:
هذه خطوة مهمة ان اردت العيش بسعادة، لانه كيف تتوقع ان تعيش بساعدة وانت تقضي يومك كله تفكر في أخطاء الماضي، تفكر في أخطاء اصبحت خارج نطاق تحكمك.
يجب ان تتوب على أخطاء الماضي وتتجاوزها وتمضي في حياتك ان اردت ان تكون سعيدا.
اذا كنت تعاني من التفكير الزائد في الماضي، فأنصحك بقراءة مقال التفكير الزائد.
5-استمتع بالنجاحات الصغيرة:
وليس فقط ان تستمتع بها متى اتت، بل يجب ان تصنع هذه النجاحات الصغيرة بنفسك، في كل يوم حدد لنفسك مهاما او عقبات صغيرة تتجاوزها، وعندما تنجح في هذه المهام كافئ نفسك واحتفل بهذه النجاحات حتى لو كانت صغيرة وسخيفة في نظر الآخرين.
اياك ان تؤجل سعادتك وتربطها بتحقيقك لاهدافك الكبيرة، فحينها لن تشعر بطعم السعادة في الحياة، لان الانسان بطبيعته كلما حقق شيئا، يسعى بعدها لتحقيق شيء آخر وهكذا، وعندما تربط سعادتك بتحقيق تلك الاشياء،كالوصول الى المليون دولار التي تحلم بها، او شراء السيارة والمنزل اللذان لطلما حلمت بهما... فانك لن تبلغ السعادة ابدا.
استمتع بكل لحظة تقضيها نحو تلك الاهداف، وحقق النجاحات الصغيرة، ولا تفكر كثيرا في المستقبل.
6- لا سعادة بلا أهداف:
دائما ضع نصب عينيك أهدافا تريد تحقيقها، فهذا يعطي لحياتك معنى، فغالبا ما يكون الأشخاص الذين يعيشون سبهللا ( يمشون مع التيار، غافلين...) تعساء في حياتهم، بسبب التشتت والتفكير الزائد، والضياع، ويجعلهم هذا ايضا يشعرون بانه لا قيمة لهم.
ضع لنفسك اهدافا واسعى لتحقيقها، لتحصل على المعنى في حياتك، وتحصل على التحفيز وتشعر بسعادة الانجاز والتطور، وليس ضروري ان تكون اهدافك كبيرة، يكفي ان تكون تصب في مصلحتك وتطورك.
7-تطور و انمو:
تطور و انمو |
نحن البشر بطبيعتنا نحب التطور والنمو في مختلف جوانب حياتنا، سواء الجانب المالي او الاجتماعي او الشخصي...، وعندما تطور وتتعلم يوميا ستشعر بالسعادة كالطفل الذي يستكشف شيئا جديدا يوميا ويسعد به.
وكذلك تجعلك عقلية النمو والتطور اكثر قابلية لتقبل الفشل والتعلم منه، واكثر قابلية للمخاطرة واخذ التجربة.
في الجانب الآخر تجعلك عقلية الثبات تعتمد على مالديك حاليا ولا تسعى للتطور والتعلم، ولن تفشل، لانك ببساطة لن تجرب اي شيء لتفشل فيه، والفشل جزء من النجاح، وستظل مكانك تعيش بتعاسة.
لذا اسعى دائما لتتعلم وتتطور، وجرب وافشل، وحاول مجددا لتشعر بطعم الحياة الحقيقية.
8-الامتنان والشكر:
عدد النعم التي انت فيها دائما من سمع وبصر وصحة وسلامة...، اننا في نعم كثيرة، لكن غالبا مانميل الى التركيز على ما نفتقده بدل التركيز على ما لدينا.
كن ممتنا لما لديك اولا ثم اسعى لتحقيق ماليس لديك، لتشعر بالسعادة والراحة وانت تفعل ذلك.
9-تعامل مع الحزن بحكمة:
تعامل مع الحزن بحكمة |
وما افضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتعلم منه هذا الامر، الشخص الذي مرت عليه الكثير من الابتلاءات والمواقف المحزنة، لكنه ظل صامدا ولم يتخل عن مسؤولياته ودعوته.
ولا اقول لك ان لا تحزن،فلا مفر من الامر ستحزن عاجلا ام اجلا، لكن الفرق بين السعيد والشقي، هو التعامل مع هذا الحزن، فاما ان تحزن وبعد فترة تتجاوز الامر وتمضي في حياتك، واما ان يتبعك هذا الحزن طوال حياتك ولا تتخلى عنه.
والاسوء ان هناك من يتعامل مع الحزن بسلوكات خاطئة وينسى مسؤولياته، فيلجأ الى شرب الخمر او التدخين او ممارسة الفاحشة ظنا منه انه سيتجاوز الحزن بهذه السلوكيات.
واريد ان الفت نظرك إلى نقطة مهمة هنا وهي الفرق بين المتعة و السعادة، فنعم يمكن لتلك السلوكيات ان تصنع لك المتعة، لكنه لن تصنع لك السعادة.
والمفارقة العجيبة هنا هي ان المتعة ادمان، وكلمت كثرت المتعة قلت السعادة، فكلما حصلت على هذه المتعة الزائفة والمؤقتة تسعى لمتعة أخرى، وبما انها ادمان فجرعة الامس لن تكفي اليوم وهكذا ستعيش في دوامة التعاسة تتبع المتعة الزائفة والمؤقتة، بدل من السعي وراء السعادة الحقيقية التي تكون بالرضا والراحة النفسية الداخلية.
10-ما اصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك:
هذه المقولة تنم عن رضا كبير بالقضاء والقدر، فعليك بالرضا ثم الرضا ثم الرضى، فان كنت غير راض عن ما انت فيه فكيف ستعيش بسعادة، وان كنت تعمل بهذه المقولة فستشعر بالامان والسلام الداخلي.
وكيف لا تشعر وانت تعلم ان ما اصابك ما كان ليخطئك، فهذا الجزء سيجعلك تتقبل الماضي وتعلم انه لم يكن بمقدورك تجنب قدر الله او تغيير اي شيء.
والجزء الثاني ما اخطأك ماكان ليصيبك سيجعلك ممتنا لنعمة الله، فهو من جنبك الوقوع في تلك المشاكل، وحتى لو لم تكن مشاكل ستعلم ان الله اختار لك طريقا أفضل واجمل.
وانا هنا لا اناقض النصيحة السابعة، ولا اقول لك ان لا تتطور، بالعكس ارضى بما انت فيه واسعى لتحقيق المزيد.
10- قال تعالى " وان ليس للانسان إلا ماسعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى"
في الواقع هذه الآيات الكريمات تجعلك مرتاحا جدا داخليا وخارجيا، وهذا لب السعادة، فعندما تعرف انه لا يمكنك تحقيق شيء لم تسعى اليه، ولم تبذل جهدا لاجله، فستكون اكثر قابلية للتطور والتغيير، وستسعى دائما للافضل، وستسعى لتحقيق اهدافك والنمو في مختلف جوانب حياتك، وتطورك الدائم والمستمر سيجعلك سعيدا.
والشيء الذي سيجعلك سعيدا أكثر هو الوعد الرباني الذي يأتي بعد السعي، " وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى" فكيف لا تكون سعيدا بسعيك وتطورك وانت تعلم انه سيأتي بثماره، وهذا سيجعلك تستمتع ليس فقط بتحقيق الانجازات والاهداف، بل بالطريق الذي تأخذه نحو تحقيق هذه الانجازات، ستشعر بالامتنان والطمأنينة والرضا، وستمتع بكل لحظة تقضيها لتحقيق أهدافك.
تعليقات
إرسال تعليق