هل سبق لك ان وضعت رأسك على الوسادة لتنام، وبدأت بالتفكير في حدث محرج وقع لك في الماضي، وكان يمكنك التصرف فيه بطريقة مختلفة؟ هل سبق لك وان جلست في امان الله وبدأت تفكر في المستقبل كانه وحش؟ هل سبق لك ان حدث لك مشكل وجلست وبدأت بتخيل حلول خيالية وغير واقعية لحله، وبقيت على هذه الحالة لمدة طويلة؟، هذه الصور وغيرها تدل على ان لديك مشكلة اسمها: التفكير المفرط او الزائد، او overthinking، وفي هذا المقال سنتطرق لهذا الموضوع من خلال اربع محاور أساسية:
ماهو التفكير المفرط او الزائد؟
اضرار التفكير الزائد.
اسباب التفكير الزائد.
كيفية التخلص من التفكير الزائد.
كيف تتخلص من التفكير الزائد؟ |
1.ما هو التفكير المفرط او الزائد؟
الاستغراق في التفكير، و تحليل وتفنيد قضية او أمر ما حدث في الماضي او تخاف ان يحدث في المستقبل، سواءكان واقعيا او خياليا، وذلك لمدة طويلة، ودون اتخاذ اي اجراءات حول هذا الامر، مما يهدر الوقت والطاقة.
2.اضرار التفكير الزائد:
يمكن ان يتسبب التفكير الزائد في الكثير من الاضرار ذهنيا وجسديا ونفسيا:
_يمنع النوم ويفسده تماما
_ينهك العقل والجسد
_يزيد من نسبة الاصابة بأمراض مثل: السكر، والسرطان، والزهايمر...
_يسبب تلف خلايا المخ
_يسبب اضطرابات نفسية وجسدية
_يسبب الارق
_يسبب أمراض نفسية وعقلية كالاكتئاب..
_مشاكل في التغدية كالتقلبات في الشهية...
_يسبب التوثر والضغط اللذان يؤديان الى مشاكل كثيرة أكثر حتى مما يؤدي اليه التفكير المفرط.
3.اسباب التفكير الزائد:
أهم خطوة في الحل هي معرفة اسباب المشكلة، وفي هذه الحالة يجب ان نعرف أسباب التفكير الزائد لنعالجه.
تتعدد اسباب التفكير الزائد وتختلف من شخص لآخر، لكن على العموم هناك أسباب مشتركة كثيرة، وتعد الاسباب الرئيسية للتفكير الزائد.
يعد السعي وراء الكمال والمثالية من أكبر أسباب التفكير الزائد، فمن المستحيل تقريبا ان نفعل شيئا كاملا ومثاليا، وعندما نسعى لذلك نفكر كثيرا وأكثر من اللازم.
فالسعي وراء الكمال والمثالية في أحداث الماضي هدر للطاقة والوقت، فأحداث الماضي حدثت وانتهت، تعلم منها وتابع طريقك.
والسعي وراء الكمال والمثالية في المستقبل، بمحاولة الحصول على كل صغيرة وكبيرة حوله، والتفكير في كل الخطوات التي ستتخذها نحو هدفك، و ايضا كل المشاكل التي ستواجهها للوصول الى هدفك، باختصار محاولة رسم طريق وخطة مثالية من الالف الى الياء نحو هدفك.
كل هذه الامور ستشل حركتك ولن تصل الى اي شيء، فتحقيق الاهداف لا يشترط ان تعرف الطريق كله، اعرف الخطوة الأولى فقط وابدأ بالعمل، وهذا سنشرحه أكثر عندما نتتطرق للحلول.
2.قلة اليقين بالله:
قد لا يتقبل البعض هذه الجملة، لكن قلة اليقين بالله من اكثر الاشياء التي تسبب التفكير المفرط او الزائد، لكن كيف ذلك؟
حسنا، عندما تفكر كثيرا في المستقبل وتخشاه، فهذا يعني انه ليس لديك يقين تام بأن ما يخبأه لك القدر أفضل مما انت عليه، وهذا يعني ايضا انك لا تحسن الظن بالله.
وايضا، عدم تقبل احداث الماضي، والتفكير فيها كثيرا دليل على انك لم ترضى بقدر الله، ورغبتك في تغيير شيء في الماضي دليل على ذلك ايضا.
تقبل كل ماحدث لك في الماضي، واستمر في حياتك، ولا تفكر كثيرا في المستقبل، كن متيقنا بأن الله سيعطيك الأفضل دائما.
4.كيفية التخلص من التفكير الزائد:
قبل ان ننتقل الى الحلول الرئيسية، سأعطيك قاعدتين استعملهما شخصيا في حياتي للعيش بسعادة، فأنا واجهت مشكلة التفكير الزائد من قبل، واستطيع ان اقول من تجربتي الخاصة، ان التفكير الزائد من أعداء السعادة.
والقاعدتين هما، في الوقع ليستا قاعدتين، بل آية ومقولة،
الآية هي:
قال تعالى" وان ليس للانسان إلا ماسعى"_ سورة النجم_الآية38
والمقولة هي " ما اصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك"
اذا تأملنا الآية وعملنا بها، فسنحاول دائما السعي وراء تحقيق أهدافنا، ولن نجلس نفكر فيها فقط، ونتواكل وننتظر ان تنزل علينا من السماء، بل سنتوكل على الله و نسعى لتحقيق أهدافنا،وازيدك اذا أكملت الآية ستجد:
قال تعالى" وان ليس للانسان إلا ماسعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى"
الله وماذا تريد بعد هذه الآية، مالذي ستفكر فيه بعد قراءتك لهذه الآية، لا شيء، ستسعى فقط، وتتوكل على الله مع يقين تام بأن الله سيجزيك على قدر عملك وأكثر.
والمقولة تجعلك ترضى بما قسم الله لك، وتعرف ان أي شيء اصابك فهو من عند الله، وان فيه خيرا لك، وانك لم تكن لتتجنبه حتى لو فعلت اي شيء، فهو قدر الله، وان كل ما لم يصبك فالله ابعده عنك ويجب ان تكون ممتنا له.
هل لا حظت كيف ستغير هذه المقولة والآية نظرتك الى ماضيك وحاضرك ومستقبلك، وحياتك كلها.
ملاحظة: ( لا اعني ان هذه المقولة مكملة لكلام الله تعالى، او ان كلام الله فيه نقص، فبالعكس هناك الكثير من الآيات تدعو الى الرضى بالقضاء والقدر، بل هو من اركان الايمان.)
الآن سأذكر لك بعض الحلول المهمة للتخلص من التفكير الزائد، رغم اني أعتقد ان الآية والمقولة كافيتين، لكن هناك بعض الحلول العملية الرائعة، والتي تخص هذا الموضوع بالتحديد واحب ان اذكرها لك:
1.التفكير لا يمكن ازالته:
عليك ان تفرق بين التفكير الزائد والتفكير المفيد الذي نقوم به دائما، فلا يمكنك ايقاف التفكير كليا، فعندما تفكر في اللحظة، فهذا تفكير جيد ومفيد، وعندما تفكر وتخطط للمستقبل فهذا ايضا تفكير جيد، وعندما تفكر في حدث من الماضي وتسأل نفسك ماذا يمكنني ان اتعلم منه؟ ثم تنساه، فهذا تفكير جيد، لكن التفكير الذي يمنع عنك النوم ويرهقك جسديا ونفسيا فهذا مشكل ويجب حله.
لذا فالخطوة الاولى هي التفريق بين التفكير الجيد والتفكير الزائد الذي لا نفع منه، وهذه الخطوة مهمة جدا للخطوة الثانية.
2.الوعي العام واللحظي بالمشكلة:
اذا فهمت الخطوة الأولى جيدا فستسهل عليك هذه، وهذه أهم خطوة للحل لذا ركز جيدا.
الوعي العام هو الاعتراف بأن لديك مشكلة التفكير الزائد، واظن ان قراءتك لهذه المقالة دليل على وعيك العام بالمشكلة، لانك تعرف ان لديك هذه المشكلة، وتسعى لحلها من خلال هذه المقالة.
والوعي اللحظي هو ان تعرف انك في المشكلة في اللحظة التي تقع فيها، مثلا عندما تستلقي على السرير، وتدرك انك بدأت تدخل في مشكلة التفكير الزائد، فهذا وعي لحظي، واظن انك عرفت أهمية هذا الوعي، لانك بعد هذا الوعي ستسعى مباشرة لتطبيق الحلول.
3.كن عظيما:
يعني ان تكون واثقا بنفسك وبالله، وبأنك تستطيع تجاوز مشاكلك مهما كان صعبة، وان تعرف ان الله لم يقدر عليك هذه المشاكل والابتلاءات، الا وانك تستطيع تخطيها، ويمكن ان يساعدك توجيه أفكارك نحو مشاكل وتحديات كبيرة في الماضي تمكنت من تجاوزها، وهذا سيزيد من ثقتك بأنك ستتجاوز المشاكل التي تعيش فيها الآن، او المشاكل التي تخشى ان تحدث في المستقبل.
يقول المتنبي:" وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم"
بمعنى انه كلما كانت همتك عالية وتثق في الله اولا وفي نفسك ثانيا، كلما صغرت المشاكل في عينك، وكلما صرت هادئا ومتزنا عند حدوثها، وايضا كلما نقص خوفك من المستقبل.
4.دون أفكارك، وحدد وقتا للتفكير فيها.
استخدام الورقة والقلم اكبر متنفس لهذه الافكار التي تأتيك، اكتب كلما يقلقك في ورقة وحدد وقتا للتعامل مع هذه الافكار والتزم به.
مثال: انت تفكر في مشاكل قد تحدث لك في المستقبل في عملك، خذ ورقة وقلم، واكتب هذه الافكار، واجلها الى الغد، قل مع نفسك "غدا على الساعة 17:00 سأفكر في هذه المشكلة، وسأحاول حلها، الآن علي ان انام"
5.تعلم من الماضي وتناساه:
اذا كنت مسغرقا في التفكير في حادثة محرجة وقعت لك في الماضي، او مشكلة كان من الممكن ان تتصرف فيها بشكل آخر، فاسأل نفسك ماذا يمكنني ان اتعلم من تلك الحادثة؟، اذا كان هناك شيء تتعلمه منها قل لنفسك" حسنا في المرة القادمة سأتصرف بهذا الشكل" وانسى الحادثة.
واذا لم يكن هناك شيء تتعلمه، فقل لنفسك ان الحادثة غير مهمة، وانسى الامر، وفي الغالب الحادثة تكون غير مهمة ولا يتذكرها احد غيرك.
6.فكر هل الامر قابل للتحكم او غير قابل للتحكم:
اذا كان ما تفكر فيها قابلا للتحكم، كشيء ستعمل عليه في الشهر المقبل، ففكر وخطط، واذا كنت على السرير تستعد للنوم، فاكتب ملا حظة على هاتفك بأنه يجب التخطيط لهذا الامر غدا.
واذا كان ما تفكر فيه غير قابل للتحكم، كحدث محرج في الماضي او مشكلة حدتث في الماضي، فانس الامر، ولا تحاول حتى التفكير فيه، وجه أفكارك نحو شيء آخر، فنحو لدينا القدرة على توجيه أفكارنا باتجاهات معينة نختارها نحن.
7.الفعل دواء التفكير:
لا تنتظر ان تمتلك التصور المثالي للمستقبل لكي تبدأ باتخاذ إجراءات فعلية، لا تقع في مشكلة المثالية والسعي وراء الكمال، اتخذ اجراءات ولو صغيرة في الحال، ابدأ بالخطوة الاولى، وستأتي الخطوات الاخرى وحدها.
8.التأمل:
يمكنك ان تمارس التأمل العادي، او ان تلجأ الى العبادات، كالذكر والصلاة، وقراءة القرآن...
9.القراءة قبل النوم:
اذا كنت تعاني من التفكير الزائد قبل النوم، فالقراءة أفضل شيء تفعله، فهي اولا تجعل عينيك ثابتين ومركزتين على منطقة معينة غصبا عنك د، وهذا يؤدي الى شعورك بنعاش شديد، وقد تجد نفسك نائما دون ان تشعر وتعرف متى نمت.
وايضا تلهيك القراءة عن كل تلك الافكار التي لا فائدة منها.
10.تدرب على اتخاذ القرارات الصغيرة بسرعة:
قد يكن تفكيرك الزائد، ناتجا عن قرارات تأجل أخذها او لا تستطيع اتخاذها، وتخاف منها، وقد يساعدك التدرب على اتخاذ القرارات الصغيرة بسرعة في حل تلك المشكلة.
لذا في المرة القادمة التي تريد اختيار طعام لتناوله او المطعم الذي ستتناول فيه الطعام، او اي من هذه القرارات الصغيرة التي لن تحدث تأثيرا كبيرا على حياتك، اتخذ هذه القرارات بسرعة، لتقوي عضلة اتخاذ القرارات عندك.
11.غير المحيط:
من الطبيعي اننا ان وضعناك في غرفة فارغة دون فعل اي شيء، فستستغرق في التفكير، لذا حاول دائما الهاء نفسك بالامور المهمة فعلا بالنسبة لك، او يمكنك ممارسة الرياضة، او حاول ان تكون مبدعا في ايجاد حلول لمشاكلك الحالية.
تعليقات
إرسال تعليق